أخرج العيني في عمدة القاري شح صحيح البخاري ج 19ص 248 باب عفو المظلوم
قال :
وروى النسائي وابن ماجه من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت دخلت على زينب بنت جحش فسبتني فردعها النبي فأبت
فقال لي سبيها فسببتها حتى جف ريقها
في فمها فرأيت وجهه يتهلل

قال إبراهيم كانوا يكرهون أن يستذلوا فإذا قدروا عفوا .
المصدر
الكتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري
المؤلف : بدر الدين العيني الحنفي
عدد الأجزاء : 25

الرد 

 

هذا الحديث بهذا اللفظ منكر!! ولم يروه النسائي وابن ماجه بهذا اللفظ!!

والذي نقله بهذا اللفظ هو الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (5/99) عند الكلام على تبويب الإمام البخاري «باب الانتصار منَ الظَّالِم».

قال: "وفي الباب حدِيثٌ أَخرجَهُ النَّسَائِيُّ وابن ماجهْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ من طريق البَهِي عن عُرْوَةَ عن عَائِشَةَ قالتْ: دَخَلَتْ عَلَيَّ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فَسَبَّتْنِي فَرَدَعَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَبَتْ فَقَالَ لِي سُبِّيهَا فَسَبَبْتُهَا حَتَّى جَفَّ رِيقُهَا فِي فَمِهَا فَرَأَيْتُ وَجْهَهُ يَتَهَلَّلُ".

وأعادة مرة ثانية في موضع آخر (5/207)، وقال: "لَكِن روى النَّسَائِيّ وابن مَاجَهْ مُخْتَصَرًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِاللَّهِ الْبَهِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَتْ عَلَيَّ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فَسَبَّتْنِي فَرَدَعَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَبَتْ فَقَالَ سُبِّيهَا فَسَبَبْتُهَا حَتَّى جَفَّ رِيقُهَا فِي فَمِهَا. وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي بَابِ انْتِصَارِ الظَّالِمِ مِنْ كِتَابِ الْمَظَالِمِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى التَّعَدُّدِ".

وتبعه العيني على ذلك! والعيني يأخذ كلام ابن حجر كلّه دون أن يعزوه له! فإذا أخطأ ابن حجر تبعه العيني على الخطأ!

قال العيني في «عمدة القاري» (12/291): "وروى النَّسَائِيّ وَابن مَاجَه من حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَالَت: (دخلت على زَيْنَب بنت جحش فسبتني، فردعها النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأَبت، فَقَالَ لي: سبيهَا فسببتها حَتَّى جف رِيقهَا فِي فمها، فَرَأَيْت وَجهه يَتَهَلَّل)".

وكذا تبعه على ذلك في الموضع الآخر (13/138) فقال: "وفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ وَابن مَاجَه مُخْتَصرا من طَرِيق عبدالله البَهِي: عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة، قَالَت: دخلت عَليّ زَيْنَب بنت جحش فسبتني فردعها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَبت، فَقَالَ: سبيهَا، فسببتها حَتَّى جف رِيقهَا فِي فمها. انْتهى. يحْتَمل أَن تكون هَذِه قَضِيَّة أُخْرَى".

ولفظ الحديث عند النسائي وابن ماجه من طريق البَهِي، عن عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ، قال: قالت عائِشَةُ: «ما عَلِمْتُ حَتَّى دَخَلَتْ عَلَيَّ زَيْنَبُ بِغَيْرِ إِذْنٍ، وهِيَ غَضْبَى، ثُمَّ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحَسْبُكَ إِذَا قَلَبَتْ لك بُنَيَّةُ أَبِي بَكْرٍ ذُرَيْعَيهَا، ثُمَّ أَقَبَلَتْ عَلَيَّ فَأَعْرَضْتُ عَنْهَا حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "دُونَكِ فانتَصِرِي" فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهَا حَتَّى رَأَيْتُهَا وقد يَبِسَ رِيقُهَا فِي فِيهَا، ما تَرُدُّ عَلَيَّ شَيْئًا، فرَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - يَتَهَلَّلُ وجْهُهُ».

فليس فيه السب! وأنه صلى الله عليه وسلم قال لها سبّيها!!

والقصة مشهورة في الصحيح لما أرسلت أزواجه صلى الله عليه وسلم فاطمة إليه يناشدنه العدل في عائشة، ثم أرسلن زينب، وقالت عائشة لما دخلت عليها زينب وهي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ثُمَّ وَقَعَتْ بِي، فَاسْتَطَالَتْ عَلَيَّ، وَأَنَا أَرْقُبُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَرْقُبُ طَرْفَهُ، هَلْ يَأْذَنُ لِي فِيهَا، قَالَتْ: فَلَمْ تَبْرَحْ زَيْنَبُ حَتَّى عَرَفْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَكْرَهُ أَنْ أَنْتَصِرَ، قَالَتْ: فَلَمَّا وَقَعْتُ بِهَا لَمْ أَنْشَبْهَا حَتَّى أَنْحَيْتُ عَلَيْهَا، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَتَبَسَّمَ إِنَّهَا «ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ».

ونظراً للاختلاف بين القصة التي في الصحيح، وبين ما نقله ابن حجر، ذهب ابن حجر إلى أنه يمكن أن تحمل القصة على التعدد!! وتبعه العيني على ذلك كما سبق، وهذا ليس بصحيح! فالقصة واحدة، وما نقله من لفظ الحديث منكر لا يصح!

ولفظ حديث النسائي وابن ماجه عن عبدالله البهي عن عروة عن عائشة ضعيف جداً!! ووقع في مطبوع «الفتح» في الموضع الأول: "مِنْ طَرِيقِ التَّيْمِيِّ عَنْ عُرْوَةَ"! وهو محرّف. وفي الموضع الثاني على الصواب: "مِنْ طَرِيقِ عَبْدِاللَّهِ البَهِيِّ".

والحديث تفرد به زَكَرِيَّا بن أبي زائدة، عن خالد بن سلمة الفأفاء المخزومي، عن البَهِيِّ.

ولا يعرف هذا الحديث بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه! وهو منكر غريب!!

وأورده ابن عدي في ترجمة «خالد بن سلمة» من كتابه «الكامل».

ثم قال: "ولخالد بن سلمة غير ما ذكرت من الحديث، وهو في عداد من يجمع حديثه، وحديثه قليل، ولا أرى برواياته بأسا".

وقد وثقه الإمام أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، ومحمد بن عبدالله بن عمار، ويعقوب بن شيبة، والنسائي.

وذكره ابن حبان في كتاب «الثقات».

وضعفه أبو حاتم، فقال: "شيخ، يكتب حديثه".

وقال أبو زرعة: "ليسَ بذاك".

والبهي راويه لا يُحتج به.

قلت: هو ضعيف يُعتبر بحديثه ولا يحتج بما انفرد به.

وهو ينفرد عن البهي بأحاديث لا يرويها غيره!

والبهي ليس بذاك، فيه كلام.

وقد وثقه ابن سعد، وذكره ابن حبان في كتاب «الثقات».

وقال أبو حاتم الراوي: "لا يحتج بالبهي، وهو مضطرب الحديث".

ولو صح الحديث لكان مخالفاً لما في الصحيح! ولهذا حمله ابن حجر على تعدد الواقعة! ولا يصح ذلك.