يقول الرافضي اطلعتُ على النصوص المطبوعة لهذه الشروح وفوجئت بأنهم لم يكن لديهم النصوص القديمة للصحيح، سوى ما أعده السمعاني وابن عساكر والصغاني واليونيني، ومن المعلوم أنهم غالبًا ما يشيرون إلى الفربري والكشميهني ورواة قدامى آخرين، ولكنهم لم يتوفر لديهم نصاً مكتوباً بأيديهم، ويبدو أنهم تعلموا هذه النصوص فقط على الطريقة التقليدية ومن أعمال محدثين متأخرين مثل أبي ذر وأبي الوقت وغيرهم.
ومن بين ال 27 شارحًا الذين ذكرهم بروكلمان يحدد تاريخ وفياتهم جميعًا- باستثناء واحدًا منهم- بعد عام 559 هـ، وهى الفترة التي قد استقر خلالها نص البخاري في شكله النهائي تقريبًا على يد أفضل الرواة المحققون الاوائل للنص:وهما أبو ذر وأبو الوقت , ولذلك، يعتبر عملهم من ناحية النقل القديم لنص البخاري ليس له قيمة كبيرة." أهـ.
 

الرد 

أقول: كتبَ الرواةُ عن البخاري نسخهم، وعنها انتسخ الرواة عنهم نسخاً لهم، وربما كان للرجل أكثر من شيخ فيكتب نسخة واحدة، ويضبط في حواشيها اختلاف شيوخه، كحال نسخة أبي ذر التي أشار إليها، فإن أبا ذر سمع الصحيح من ثلاثة عن الفربري، من الحمويي، والمستملي، والكشميهني.
وكتب عنهم النسخة المشهورة، فجاء الرواة عن أبي ذر فانتسخوا لهم فروعاً عن نسخته الأم، ورووها عنه بعد المقابلة، بعضهم سماعاً وبعضهم قراءة، فنتج عن ذلك فروع لا تقل قيمة عن الأصل، وهي متأخرة نسبياً.
كنسخة أبي علي الصدفي، فإنها فرع عن رواية أبي ذر الهروي.
وكنسخة ابن سعادة، فإنها فرع عن رواية أبي علي الصدفي.
وقد يحيط بالنسخة المتأخرة أمور تجعلها أنفس من مثيلة لها متقدمة، مثل جودة أصولها المنتسخة منها، وقراءات العلماء لها، وسماعاتهم عليها.
وليس تاريخ النسخة دائماً هو المعول عليه في جودة الأصل، وإنما يعتمدُ على قدم التاريخ المجرد عن أي شيء: النصارى في تقديم نسخ الأناجيل، لأنه ليس لديهم من أصول الضبط والرواية والأسانيد ما عند المسلمين، فكلما وجدوا نسخة أقدم طاروا بها.

وأما المسلمون فمنهجيتهم في الكتابة والنسخ تختلف.
مثال ذلك: نسخة اليونيني من صحيح البخاري، وهو الحافظ أبو الحسين علي بن محمد بن الحسين اليونيني، فقد جمعتْ نسختُه المتأخرة (في القرن السابع) عدة روايات، وذكر الذهبي أنَّ اليونيني قابل نسخته تلك في سنة واحدة وأسمعها إحدى عشرة مرة، وقد ضبط رواية الجامع الصحيح وقابل أصله الموقوف بمدرسة آقبغا آص بسويقة العزي خارج باب زويلة من القاهرة المعزية بأصل مسموع على الحافظ أبِي ذرِّ الهروي، وبأصل مسموع على الأصيلي، وبأصل الحافظ مؤرخ الشام أبِي القاسم ابن عساكر، وبأصل مسموع عن أبِي الوقت، وذلك بحضرة الإمام اللغوي النحوي جمال الدين أبِي عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الله ابن مالك الطِّائيِّ الجيِّانيِّ الشِّافعيِّ صاحب الألفية في النحو.

وقرأ البخاري على ابن مالك تصحيحاً، وسمع منه ابن مالك روايةً، وأملى عليه فوائد مشهورة.
وهذه النسخة النفيسة طالعها الحافظ ابن حجر واستفاد منها (انظر هدي الساري: 224).
وكذلك طالع الحافظ نسخة الحفصي وهو متوفى سنة 466 وغيرها.
مع أن بعض الشراح من رواة الصحيح، وممن توفي في القرن الرابع، كالخطابي مثلاً.