إنَّ من أخطر الإشكالات والتحديات التي تعرضت لها نظرية الإمامة هي غيبة الإمام الثاني عشر؛ إذ وصلت بهم إلى طريق مسدود تعطَّلت فيها المنافع المرجُوَّة منها لأتباعها، فلم ينتفع بغيبته أحدٌ من الشيعة لا في دينهم ولا دنياهم، وهذا ما أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية – $ تعالى – في أكثر من موضع من كتابه )منهاج السنة النبوية(، ومنها: 
1- قال في )2/120-121(: «فإنهم يُقِرُّون بأن الإمام الذي هو صاحب الزمان مفقود لا ينتفع به أحدٌ، وأنه دخل السرداب سنة ستين ومائتين أو قريباً من ذلك، وهو الآن غائب أكثر من أربعمائة وخمسين سنة فهم في هذه المدة لم ينتفعوا بإمامته لا في دين ولا في دنيا».
2- وقال أيضاً في )4/89-90(: «ثم إنَّ هذا باتفاق منهم سواء قُدِّر وجوده أو عدمه لا ينتفعون به لا في دين ولا في دنيا».
وبالرغم من قوة الإشكال وموضوعيته وشهادة الواقع بصحته،  إلا أننا نجد من بعض معمميهم الجرأة على المغالطة وإنكار الواقع المحسوس، فيقول عالمهم علي الميلاني في مَعْرض ردِّه على كلام شيخ الإسلام ابن تيمية: «أقول:  هذا كذب،  بل 
إشكالٌ في الإمامة
المتفق عليهم بينهم هو الانتفاع منه في الدين والدنيا، بل الانتفاع واقع مستمر، ولكن المنافقين لا يعلمون»)1(.
ولكنَّ الله تعالى شاء أن يظهر زيف دعوى الميلاني تلك – باتفاق الإمامية على حصول الانتفاع بالإمام الغائب في الدين والدنيا – على يد مرجعٍ كبير من مراجعهم المعاصرين وهو محمد آصف المحسني الذي نطق بعدة تصريحات تؤيد ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية، وذلك في كتابه )مشرعة بحار الأنوار(، منها: 
1- قال في) 2/223(: «ولا يمكن القول بانتفاعنا منه ڠ في زمن الغيبة في الأمور الدينية إلا ممَِّن سلب الله عقله.»
2- قال في) 1/408(: «الغيبة التي امتدت أكثر من ألف سنة وربما تمتد إلى آلاف أو ملايين السنين. فإن المؤمنين لم ينتفعوا ولا ينتفعون من إمامهم الغائب - عجل الله تعالى فرجه - في الأصول والفروع، وما يقال بخلاف ذلك فهو تخيل وتوهم ولعب بالعقول.»
3- قال في) 1/82(  هامش رقم) 1(: «وعمدة الإشكال على هذا الوجه أن الأحكام الشرعية الفقهية لم تصل إلينا معشر الموجودين في عصر غيبة الإمام ڠ ولا نقدر على تحصيلها بوجه. وتقصير الموجودين في حياة الأئمة لا يتعلق بنا، وأي 
 
)1( كتاب )شرح منهاج الكرامة(، لعالمهم علي الميلاني) ،1/264(.
إشكالٌ في الإمامة
فائدة لهذه الأحكام المخزونة عند الأئمة:  والمكلفون يحرمون منها في أكثر من ألف سنة ولعله في ألف مليون سنة .»
ولمَّا وجد علماء الإمامية أن غيبة الإمام الثاني عشر تجعلهم في موطن ضعفٍ كبير أمام مخالفيهم – لعدم انتفاع الشيعة بإمامته لا في دينهم ولا دنياهم – حاولوا التعليل والتبرير بإيراد علةٍ لغيبته يُقنعوا بها شيعتَهم وهي خوفه على النفس من بطش الظالمين وسعيهم الجاد الحثيث لقتله واستئصاله، فمما أوردوه في ذلك ما يلي: 
1- روى ثقتهم محمد بن يعقوب الكليني: «عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله ڠ يقول: إن للقائم ڠ غيبة قبل أن يقوم، قلت: ولمَِ؟ قال: إنه يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - يعني القتل»)1(. 
2- روى ثقتهم الكليني أيضاً: «عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله ڠ يقول: إن للقائم غيبة قبل أن يقوم، إنه يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - يعني القتل»)2(. 
3- يقول الشريف المرتضى الملقب عندهم بعلم الهدى: «فنقول: السبب في الغيبة هو إخافة الظالمين له.. وإذا خاف على نفسه