صوم عاشوراء بين السنه والشيعه
هل تتبع الشيعه ما امرت به الائمه يوم عاشوراء
صيام عاشوراء
هدية عاشوراء
[ 13840 ] 3 ـ وبإسناده عن سعد بن عبدالله ، عن أبي جعفر ، عن جعفر بن محمد بن عبدالله (1) ، عن عبدالله بن ميمون القداح ، عن جعفر ، عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : صيام يوم عاشوراء كفارة سنة .
التهذيب 4 : 300 | 907 ، والاستبصار 2 : 134 | 439 .
[ 13839 ] 2 ـ وعنه ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) عن أبيه ، أن عليا ( عليه السلام ) قال : صوموا العاشوراء التاسع والعاشر ، فانه يكفر ذنوب سنة .
التهذيب 4 : 299 | 905 ، والاستبصار 2 : 134 | 437 .
صحح الروايتان الخوئى
مستند العروة الوثقى – كتاب الصوم ص3
---------------------------------------------------
علي بن الحسن بن فضال عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن ابي عبد الله عن أبيه عليهما السلام
ان عليا عليه السلام قال:
صوموا العاشورا التاسع والعاشر فانه يكفر ذنوب سنة.
كتاب تهذيب الاحكام ج4ص299
http://www.yasoob.com/books/htm1/m012/10/no1018.html
-----------------------------------------------------
وعنه عن يعقوب بن يزيد عن ابي همام عن
ابي الحسن عليه السلام قال:
صام رسول الله صلى الله عليه وآله يوم عاشورا.
كتاب تهذيب الاحكام ج4 ص299-300
http://www.yasoob.com/books/htm1/m012/10/no1018.html
-------------------------------------------------
سعد بن عبد الله عن ابي جعفر عن جعفر بن محمد بن عبيدالله
عن عبد الله بن ميمون القداح
عن ابي جعفر عن أبيه
عليهما السلام قال:
صيام يوم عاشورا كفارة سنة.
كتاب تهذيب الاحكام ج4ص300
http://www.yasoob.com/books/htm1/m012/10/no1018.html
----------------------------------------------------
محمد بن الحسن باسناده عن علي بن الحسن بن فضال
، عن يعقوب بن يزيد، عن أبي همام،
عن أبي الحسن عليه السلام قال:
صام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم عاشوراء.
كتاب وسائل الشيعة ج10ص457
http://www.yasoob.com/books/htm1/m012/10/no1048.html
----------------------------------------------------
وعنه، عن هارون بن مسلم
عن مسعدة بن صدقة،
عن أبي عبدالله عليه السلام عن أبيه
، أن عليا عليه السلام قال:
صوموا العاشوراء التاسع والعاشر، فانه يكفر ذنوب سنة.
كتاب وسائل الشيعة ج10ص457
http://www.yasoob.com/books/htm1/m012/10/no1048.html
------------------------------------------------------------
وباسناده عن سعد بن عبدالله
، عن أبي جعفر،
عن جعفر بن محمد بن عبدالله عن عبدالله بن ميمون القداح،
عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال:
صيام يوم عاشوراء كفارة سنة.
كتاب وسائل الشيعة ج10ص457
http://www.yasoob.com/books/htm1/m012/10/no1048.html
------------------------------------------------------------------
علي بن الحسن عن محمد بن عبد الله بن زرارة
عن احمد بن محمد بن ابي نصر عن ابان بن عثمان الاحمر
عن كثير النوا عن ابي جعفر عليه السلام:
قال لزقت السفينة يوم عاشورا على الجودي
فامر نوح عليه السلام من معه من الجن والانس ان يصوموا ذلك اليوم وقال أبو جعفر عليه السلام:
اتدرون ما هذا اليوم،
هذا اليوم الذي تاب الله عزوجل فيه على آدم وحوا عليهما السلام،
وهذا اليوم الذى فلق الله فيه البحر لبني اسرائيل فاغرق فرعون ومن معه،
وهذا اليوم الذى غلب فيه موسى عليه السلام فرعون،
وهذا اليوم الذى ولد فيه إبراهيم عليه السلام،
وهذا اليوم الذى تاب الله فيه على قوم يونس عليه السلام، وهذا اليوم الذى ولد فيه عيسى ابن مريم عليه السلام،
وهذا اليوم الذى يقوم فيه القائم عليه السلام.
كتاب تهذيب الاحكام للطوسي ج4ص300
http://www.yasoob.com/books/htm1/m012/10/no1018.html
--------------------------------------------------------------
وفيه: بإسناده إلى علي بن فضال،
بإسناده عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال:
" استوت السفينة يوم عاشوراء على الجودي، فأمر نوح (عليه السلام) من معه من الجن والانس، أن يصوموا ذلك اليوم، وقال أبو جعفر (عليه السلام): أتدرون ماهذا اليوم ؟
هذا اليوم الذي تاب الله عز وجل فيه على آدم (عليه السلام) وحواء،
وهذا اليوم الذي فلق الله فيه البحر لبني اسرائيل، فاغرق فرعون ومن معه،
وهذا اليوم الذي غلب فيه موسى (عليه السلام) فرعون،
وهذا اليوم الذي ولد فيه ابراهيم (عليه السلام)،
وهذا اليوم الذي تاب الله فيه على قوم يونس (عليه السلام)،
وهذا اليوم الذي ولد فيه عيسى بن مريم (عليه السلام)،
وهذا اليوم [ الذي ] (1) يقوم فيه القائم (عليه السلام . كتاب مستدرك الوسائل للطبرسي ج7 ص524
http://www.yasoob.org/books/htm1/m012/10/no1095.html
---------------------------------------------------------
روى الصدوق :
وفي عشر من المحرم وهو يوم عاشوراء
أنزل الله توبة آدم - عليه السلام -،
وفيه استوت سفينة نوح - عليه السلام - على الجود ي
وفيه عبر موسى - عليه السلام - البحر
وفيه ولد عيسى بن مريم - عليه السلام -،
وفيه أخرج الله يونس - عليه السلام - من بطن الحوت،
وفيه أخرج الله يوسف من بطن الجب
وفيه تاب الله، على قوم يونس - عليه السلام -،
وفيه قتل داود جالوت
فمن صام ذلك اليوم غفر له ذنوب سبعين سنة وغفر له مكاتم عمله
كتاب المقنع ص208
http://www.yasoob.org/books/htm1/m001/00/no0003.html
------------------------------------------------------
كتاب الصوم للخوئي ج2 ص305
وكيف ما كان فالروايات الناهية غير نقية السند برمتها،
بل هي ضعيفة بأجمعها،
فليست لدينا رواية معتبرة يعتمد عليها ليحمل المعارض على التقية كما صنعه صاحب الحدائق. واما الروايات المتضمنة للامر واستحباب الصوم في هذا اليوم فكثيرة، مثل صحيحة القداح:
" صيام يوم عاشوراء كفارة سنة " وموثقة مسعدة بن صدقة:
" صوموا للعاشوراء التاسع والعاشر فانه يكفر ذنوب سنة " ،
ونحوها غيرها، وهو مساعد للاعتبار نظرا إلى المواساة مع أهل بيت الوحي وما لا قوه في هذا اليوم العصيب
من جوع وعطش وساير الآلام والمصائب العظام التي هي أعظم مما تدركه الافهام والاوهام.
فالاقوى استحباب الصوم في هذا اليوم
من حيث هو كما ذكره في الجواهر-
أخذا بهذه النصوص السليمة عن المعارض كما عرفت .
كتاب الصوم للخوئي ج2 ص305
http://www.yasoob.com/books/htm1/m001/04/no0485.html
=============================
صــــــــــــــــــــوم عاشــــــوراء في كتب السنه
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث ابن عباس رضي اللهُ عنهما أن رسول الله صلى اللهُ عليه وسلم قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَ الْيَهُودَ صِيَامًا يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم: «مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ؟» فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، أَنْجَى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ، وَغَرَّقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ، فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا فَنَحْنُ نَصُومُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم: «فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ»، فَصَامَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ (برقم 2004 وصحيح مسلم برقم 1130 واللفظ لمسلم.).
------------------------------------------------
وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث الربيع بنت معوذ بن عفراء رضي اللهُ عنها قالت: أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الْأَنْصَارِ: مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَليَصُمْ، قَالَتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الْإِفْطَارِ (برقم 1960 وصحيح مسلم برقم 1136.).
-----------------------------------------------------
روى مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس رضي اللهُ عنهما قال: صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم: «فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ»، قَالَ: فَلَمْ يَأتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ (برقم 1134).
---------------
وقد استدل بهذا الحديث من ذهب إلى أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم نقل صوم عاشوراء من العاشر إلى التاسع، وأن فضائل صيام عاشوراء صارت لتاسوعاء، كما استدل به جماهير العلماء على استحباب صوم التاسع مع العاشر لتحصل المخالفة لليهود والنصارى بذلك.
ومما ورد في فضل صيامه، ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي قتادة رضي اللهُ عنه:
أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ؟ فَقَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ» (برقم 1162.).
------------------------------------------------------
وروى مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس رضي اللهُ عنهما أنه سُئِلَ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ؟ فَقَالَ: مَا عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم صَامَ يَوْمًا يَطْلُبُ فَضْلَهُ عَلَى الْأَيَّامِ إِلَّا هَذَا الْيَوْمَ، وَلَا شَهْرًا إِلَّا هَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي رَمَضَانَ (برقم 1132.).
--------------------------------------------------
يوم عاشوراء.. أحكام وفوائد
ما المناسبات الإسلامية إلا اصطفاء من الله تعالى لبعض الأزمان وتخصيص
لها بعبادات ووظائف.
تأتي تلك المناسبات الكريمة فتحرك الشعور الإسلامي في أهله ليُقبلوا على الله عز وجل فيزدادوا طهراً وصفاءاً ونقاءاً.
يُقبل شهر الله المحرم فيدعو المسلمين للصيام؛ حيث يقول النبي صلى الله
عليه وسلم: (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم) [رواه مسلم، ح/ 1163.] .
وفي الوقت الذي يذكِّرنا فيه هذا الشهر بهجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم
بداية ظهور الدعوة وقيام دولة الإسلام نجد فيه يوماً يذكِّرنا بانتصار نبي آخر هو
موسى عليه الصلاة والسلام.
ذلكم هو يوم عاشوراء العاشر من المحرم.
ولقد حبا الله هذا اليوم فضلاً، فضاعف فيه أجر الصيام. ثم كان للناس فيه
طرائق فأدخلوا فيه وأحدثوا وزادوا.. إما رغبة في الخير، أو مجاراة للناس، وإما
اتباعاً للهوى وزهداً في السنة.
من هنا نشأت الحاجة لبيان فضل هذا اليوم، وما يشرع فيه، وبيان أحوال
الناس في تعظيمه،مع وقفات تبرز من خلال المطالعة والبحث في هذا الموضوع،
أولاً: خصوصية عاشوراء وفضل صومه:
جاء في فضل عاشوراء أنه يوم نجَّى الله فيه نبيه موسى عليه الصلاة والسلام
والمؤمنين معه، وأغرق فيه فرعون وحزبه؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة، فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء،
فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما هذا اليوم الذي تصومونه؟) فقالوا:
هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه، وغرّق فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً، فنحن نصومه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(فنحن أحق وأوْلى بموسى منكم) فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر بصيامه
[البخاري، ح/2004، ومسلم، ح/11330، واللفظ له.] ،
وهذا يحتمل أن الله تعالى:
(أوحى إليه بصدقهم، أو تواتر عنده الخبر بذلك) [فتح الباري: 4/291.] .
وقد جاء بيان فضل صيام يوم عاشوراء في حديث
أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم عاشوراء،
فقال: (يكفِّر السنة الماضية) ، وفي
رواية: (صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله)
[رواه مسلم، ح: 1162.] ،
وفي حديث آخر: (ومن صام عاشوراء غفر الله له سنة)
[رواه البزار، انظر: مختصر زوائد البزار 1/407، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: 1/422.] .
قال البيهقي: (وهذا فيمن صادف صومه وله سيئات يحتاج إلى ما يكفِّرها؛
فإن صادف صومه وقد كُفِّرت سيئاته بغيره انقلبت زيادة في درجاته، وبالله
التوفيق) [فضائل الأوقات، للبيهقي: 439.] .
بل إن صيامه يعدل صيام سنة، كما في رواية: (ذاك صوم سنة)
[رواه ابن حبان: 8/394، ح/3631 قال شعيب الأرناؤوط: إسناده على شرط مسلم.] .
ويصور ابن عباس حرص النبي صلى الله عليه وسلم على صيامه فيقول:
(ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرَّى صيام يوم فضَّله على غيره إلا هذا اليوم
يوم عاشوراء، وهذا الشهر، يعني: شهر رمضان)
[رواه البخاري، ح/2006، ولا يعني هذا تفضيله على يوم عرفة، فإنه يكفر سنتين، ويتميز بمزيد فضل لما يقع فيه من العبادات والمغفرة والعتق، ثم إنه محفوف بالأشهر الحرم قبله وبعده، وصومه من خصائص شرعنا، بخلاف عاشوراء، فضوعف ببركات المصطفى صلى الله عليه وسلم (انظر: بدائع الفوائد: 4/211، والفتح: 4/292، ومواهب الجليل 2/403)] .
ولِمَا عُرف من فضله فقد كان للسلف حرص كبير على إدراكه، حتى كان
بعضهم يصومه في السفر؛ خشية فواته، كما نقله ابن رجب عن طائفة منهم ابن عباس، وأبو إسحاق السبيعي، والزهري، وقال:
(رمضان له عدة من أيام أخر،
وعاشوراء يفوت، ونص أحمد على أنه يصام عاشوراء في السفر)
[لطائف المعارف، لابن رجب: 110، وأخرج أثر الزهري البيهقي في الشعب: 3/367.] .
ثانياً: حالات صوم عاشوراء:
مرّ صوم يوم عاشوراء بأحوال عدة [: اللطائف: 102 109.] :
الأولى: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم عاشوراء بمكة، ولا يأمر
الناس بصومه.
الثانية: لما قدم المدينة وجد اليهود يصومونه، فصامه وأمر الناس بصيامه،
حتى أمر من أكل في ذلك اليوم أن يمسك بقية ذلك اليوم.
وكان ذلك في السنة الثانية من الهجرة؛ لأنه قدم المدينة في ربيع الأول.
الثالثة: لما فرض رمضان في السنة الثانية نُسِخَ وجوب صوم عاشوراء،
وصار مستحباً، فلم يقع الأمر بصيامه إلا سنة واحدة [الفتح: 4/289.] .
ويشهد لهذه الحالات أحاديث، منها: حديث عائشة رضي الله عنها قالت:
كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يصومه، فلما هاجر إلى المدينة، صامه وأمر بصيامه، فلما فرض شهر رمضان
قال: (من شاء صامه، ومن شاء تركه) [رواه مسلم، ح: 1125، واللفظ له، والبخاري، ح: 2002.] .
وعن الرُّبَيِّع بنت معوِّذ قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة
عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: (من كان منكم صائماً فليتمَّ
صومه، ومن كان أصبح مفطراً فليتم بقية يومه) ، فكنا بعد ذلك نصومه، ونصوِّم صبياننا الصغار منهم، إن شاء الله، ونذهب بهم إلى المسجد، ونصنع لهم اللعبة من العهن، فنذهب به معنا، فإذا سألونا الطعام أعطيناهم اللعبة تلهيهم، حتى يتموا صومهم) [رواه مسلم: ح 1136، 2/798.] .
ومن العلماء من قال: إنه لم يكن واجباً أصلاً [كالبيهقي، في فضائل الأوقات: 444، 445.] ؛
احتجاجاً بقول معاوية رضي الله عنه لما خطب يوم عاشوراء فقال:
(ولم يكتب الله عليكم صيامه) [رواه البخاري: ح/2003، الفتح: 4/287.
]
، قال الحافظ ابن حجر: (ولا دلالة فيه؛ لاحتمال أن يريد: ولم يكتب الله عليكم صيامه على الدوام كصيام رمضان، وغايته:
أنه عامٌّ خُصَّ بالأدلة الدالة على تقدُّم وجوبه، أو المراد:
أنه لم يدخل في قوله تعالى:
[كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَذِينَ مِن قَبْلِكُمْ] [البقرة: 183]
، ثم فسره بأنه شهر رمضان، ولا يناقض هذا الأمر السابق بصيامه الذي صار منسوخاً، ويؤيد ذلك:
أن معاوية إنما صحب النبي صلى الله عليه وسلم من سنة الفتح، والذين شهدوا أمره بصيام عاشوراء والنداء بذلك شهدوه في السنة الأولى أوائل العام الثاني.
ويؤخذ من مجموع الروايات أنه كان واجباً؛
لثبوت الأمر بصيامه، ثم تأكد الأمر بذلك، ثم زيادة التأكيد بالنداء العام، ثم زيادته بأمر من أكل بالإمساك، ثم زيادته بأمر الأمهات ألاَّ يرضعن فيه الأطفال، وبقول ابن مسعود الثابت في
مسلم: (لما فُرِضَ رمضان ترك عاشوراء) ،
مع العلم بأنه ما ترك استحبابه، بل هو باق، فدل على أن المتروك وجوبه) [الفتح: 4/290 وانظر: زاد المعاد: 2/71، 72.] .
فكما كان واجباً أولاً فهو الآن مستحب غير واجب، كما نقل ابن عبد البر
الإجماع على هذا [انظر: التمهيد: 7/203، 22/148.] .
واستحبابه متأكد يدل عليه قول ابن عباس رضي الله عنهما: (ما رأيت النبي
صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضَّله على غيره إلا هذا اليوم، يوم ...
عاشوراء، وهذا الشهر، يعني: شهر رمضان) [رواه البخاري: ح: 2006، الفتح: 4/287.] .
قال ابن حجر: (وأما قول بعضهم: المتروك تأكد استحبابه، والباقي مطلق
استحبابه.. فلا يخفى ضعفه، بل تأكُّد استحبابه باقٍ، ولا سيما مع استمرار
الاهتمام به حتى في عام وفاته صلى الله عليه وسلم؛ حيث يقول:
(لئن عشت
لأصومن التاسع والعاشر) ،
ولترغيبه في صومه وأنه يكفِّر سنة، وأي تأكيد أبلغ
من هذا؟ !) [الفتح: 4/290.] .
ولا يشوِّش على هذا ما روي من أن ابن عمر كان لا يصومه إلا أن يوافق
صيامه [البخاري: ح/1892، الفتح4/123، ومسلم: ح/1126.] ،
وأنه كان يكره إفراده بالصوم، فهو اجتهاد منه لا تُعارَض به
الأحاديث الصحيحة، وقد انقرض القول بذلك [انظر: الفتح: 4/289.] .
الحالة الرابعة:
الأمر بمخالفة اليهود في صيام عاشوراء:
(كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه
بشيء) [كما صح عن ابن عباس في البخاري: ح 5917 وانظر مبحثاً مفيداً في المسألة في اقتضاء الصراط المستقيم: 1/466 472.] ،
حتى أُمر بمخالفتهم، ونُهي عن موافقتهم، فعزم على أن لا يصوم
عاشوراء مفرداً، فكانت مخالفته لهم في ترك إفراد عاشوراء بالصوم.
ويشهد لذلك أحاديث منها:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: حين صام
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء، وأمر بصيامه، قالوا:
إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع) . قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم [رواه مسلم، ح/1134.] ،
والمراد: أنه عزم على صوم التاسع مع
العاشر. يشهد لذلك قول ابن عباس رضي الله عنهما:
(أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بصوم عاشوراء يوم العاشر)
[أخرجه الترمذي3/128،، ح/755،
وقال: حسن صحيح وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي ح/603، وانظر: صحيح الجامع، ح/ 3968.] ،
وقوله: (خالفوا اليهود، وصوموا التاسع والعاشر) [25] ،
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلمأمر بصيام عاشوراء يوم العاشر
[أخرجه البزار، انظر: مختصر زوائد البزار، لابن حجر: 1/ 406، ح 672، وقال الحافظ: إسناده صحيح.] .
أما جواب ابن عباس لمن سأله عن صيام عاشوراء، فقال: (إذا رأيت هلال
المحرم فاعدد، وأصبِحْ يوم التاسع صائماً) [رواه مسلم: 1133.] ،
فلا إشكال فيه، قال ابن القيم:
(فمن تأمل مجموع روايات ابن عباس تبين له زوال الإشكال، وسعة علم ابن عباس؛ فإنه لم يجعل عاشوراء هو اليوم التاسع،
بل قال للسائل: صم اليوم التاسع، واكتفى بمعرفة السائل أن يوم عاشوراء هو اليوم العاشر الذي يعده الناس كلهم يوم عاشوراء، فأرشد السائل إلى صيام التاسع معه) [زاد المعاد: 2/ 75 76.] .
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(صوموا يوم
عاشوراء، وخالفوا فيه اليهود، وصوموا قبله يوماً أو بعده يوماً)
[المسند: 1/241 وقال شاكر: إسناده صحيح واحتج به من أهل العلم: الحافظ في الفتح (4/289) ،
وابن القيم في الزاد (2/76) ، وغيرهما وضعف إسناده محققا المسند، وقالا: (إسناده ضعيف ابن أبي ليلى واسمه محمد بن عبد الرحمن: سيئ الحفظ، وداود ابن علي وهو ابن عبد الله بن عباس الهاشمي روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يخطئ، وقال الإمام الذهبي: وليس حديثه بحجة)
، ثم خرجاه من مصادره، وبينا أن الثابت عن ابن عباس موقوفًا هو بلفظ: (صوموا التاسع والعاشر وخالفوا اليهود) انظر المسند ح/ 2154، 3213 (4/52، 5/280) .] .
وعلى صحة هذا الحديث فإن من لم يصم التاسع فإنه يصوم الحادي عشر؛ لتتحقق له مخالفة اليهود في عدم إفراد عاشوراء بالصوم.
أما رواية: (صوموا يوماً قبله، ويوماً بعده) فهي ضعيفة
[ذكر هذا اللفظ: الهيثمي في مجمع الزوائد: 3/188،
وقال: (رواه أحمد والبزار، وفيه محمد بن أبي ليلى، وفيه كلام) وذكره المجد ابن تيمية في المنتقى، وعزاه لأحمد، قال الشوكاني في نيل الأوطار: 4/330: (رواية أحمد هذه ضعيفة منكرة، من طريق داود بن علي، عن أبيه، عن جده، رواها عنه: ابن أبي ليلى)
وذكره ابن رجب في لطائف المعارف: 108 والذي وقفت عليه في المسند هو اللفظ المتقدم، وهو بـ (أو) وليس بالواو، وقد ضعف الرواية التي بالواو الألباني في ضعيف الجامع، ح/ 3506، وذكرها محتجًا بها الشيخ ابن باز، انظر: فتاوى إسلامية: 2/169.] .
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال:
كان يوم عاشوراء يوماً تعظمه اليهود،وتتخذه عيداً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فصوموه أنتم) [رواه مسلم، ح: 1131، 1/796.] .
قال ابن رجب: (وهذا يدل على النهي عن اتخاذه عيداً، وعلى استحباب
صيام أعياد المشركين؛ فإن الصوم ينافي اتخاذه عيداً، فيوافقون في صيامه مع
صيام يوم آخر معه ... فإن في ذلك مخالفة لهم في كيفية صيامه أيضاً، فلا يبقى فيه موافقة لهم في شيء بالكلية) [لطائف المعارف: 112.] .
ثالثاً: كيفية مخالفة اليهود في صوم يوم عاشوراء:
يظهر مما تقدم من الأحاديث والله أعلم أن الأكمل هو صوم التاسع والعاشر؛
لأنه هو الذي عزم على فعله النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن صحح حديث: (وصوموا قبله يومًا، أو بعده يومًا)
فإنه قال بمشروعية
صيام الحادي عشر لمن لم يصم التاسع، لتحصل له مخالفة اليهود التي قصد إليها
النبي صلى الله عليه وسلم؛ خاصة أن من أهل العلم من يرى كراهية إفراد العاشر
بالصوم؛ لما فيه من موافقة اليهود ومخالفة الأمر بمخالفتهم، وأيضًا خشية فوات
العاشر
[وهو المشهور عن ابن عباس ومقتضى كلام أحمد، ومذهب الحنفية انظر: اقتضاء الصراط المستقيم، 1/470 471، ورد المحتار، لابن عابدين 3/ 336 337.
] .
ومن أهل العلم من قال بأفضلية صوم الثلاثة أيام:
التاسع والحادي عشر مع
العاشر، وحجتهم الرواية المتقدمة: (صوموا يومًا قبله، ويومًا بعده) ، وأيضًا:
الاحتياط لإدراك العاشر، ولأنه أبلغ في مخالفة اليهود
[بل إن الحافظ ابن حجر (الفتح4/289) وابن القيم (الزاد2/72) جعلا المراتب ثلاثة، أفضلها صيام الثلاثة الأيام، يليها صوم التاسع والعاشر، والثالثة صوم العاشر وحده وانظر: المغني، لابن قدامة 4/441، ولطائف المعارف، ص 109.] .
رابعاً: أعمال الناس في عاشوراء في ميزان الشرع:
الناظر في حال الناس اليوم يرى أنهم يخصصون عاشوراء بأمور عديدة.
ومن خلال سؤال عدد من الناس من بلدان عدة تبين أن من الأعمال المنتشرة التي
يحرص عليها الناس في عاشوراء: الصيام وقد عرفنا مشروعيته.
ومنها: إحياء ليلة عاشوراء، والحرص على التكلف في الطعام، والذبح
عموماً لأجل اللحم، وإظهار البهجة والسرور، ومنها: ما يقع في بلدان كثيرة من
المآتم المشتملة على طقوس معينة مما يفعله الروافض وغيرهم.
وحتى نعرف مدى شرعية تلك الأعمال فتكون مقربة إلى الله، أو عدم
مشروعيتها لتصير بدعاً ومحدثات تُبعِد العبد عن الله؛ فإنه لا بد أن نعلم جيداً أن
للعمل المقبول عند الله تعالى شروطاً منها: أن يكون العامل متابعاً في عمله رسولالله صلى الله عليه وسلم
[ويتحقق الاتباع بموافقة العمل هدي النبي صلى الله عليه وسلم في ستة أمور: أ - كون سبب العمل مشروعاً، فالتهجد في ليالي معينة كليلة عاشوراء دون غيرها سببه غير مشروع؛ لأنه لم يرد في تخصيصها به نص شرعي ب - الجنس؛ فالتضحية بفرس غير مقبولة؛ لأنها لم تشرع ج - القدر أو العدد، فإذا صلى المغرب أربعاً لم تصح؛ لمخالفة الشرع في العدد د - الكيفية، فإذا توضأ وضوءاً منكساً لم يُقبل هـ - الزمان، فلو ضحى في شعبان لما صحت منه و - المكان، فلو اعتكف في بيته لما صح منه ذلك؛ لمخالفة الشرع في المكان (انظر: الإبداع في بيان كمال الشرع وخطر الابتداع، لابن عثيمين: 21- 22) .] .
وإذا نظرنا في أفعال الناس في عاشوراء سواء ما كان منها في الحاضر أو
الماضي أو الماضي القريب
[انظر في بدع عاشوراء: المدخل، لابن الحاج: 1/208، 209، وتنبيه الغافلين، لابن النحاس: 303، والإبداع في مضار الابتداع، لعلي محفوظ: 268-272، والسنن والمبتدعات، للشقيري: 118-121، وردع الأنام من محدثات عاشر المحرم الحرام، لأبي الطيب عطاء الله ضيف وانظر: معجم البدع، لرائد بن أبي علفة: 391 395.]
رأينا أنها على صور عدة:
أ - ما كان منها في باب العبادات؛ حيث خصوا هذا اليوم ببعض العبادات كقيام ليلة عاشوراء، وزيارة القبور فيه، والصدقة، وتقديم الزكاة أو تأخيرها عن وقتها لتقع في يوم عاشوراء،
وقراءة سورة فيها ذكر موسى فجر يوم عاشوراء ... فهذه ونحوها وقعت المخالفة فيها في سبب العمل وهو تخصيصه بوقت لم يخصه الشارع بهذه الأعمال، ولو أراده لحثَّ عليه، كما حث على الصيام فيه، فيُمنع من فعلها بهذا التقييد الزمني، وإن كانت مشروعة في أصلها.
ولأن باب البدع لا يقف عند حدّ فإن البدع في العبادات قد تنال كيفية العبادة،
كما اختلقوا حديثاً موضوعاً مكذوباً في صلاة أربع ركعات ليلة عاشوراء ويومها،
يقرأ فيها [قل هو الله أحد] [الإخلاص: 1]
إحدى وخمسين مرة
[انظر: الإبداع، لعلي محفوظ: 270.]
، وخرافة رقية عاشوراء، ونعي الحسين رضي الله عنه على المنابر يوم الجمعة [السنن والمبتدعات، للشقيري: 120.] ،
وكالمنكرات المصاحبة لزيارة القبور.
ب - ما كان من باب العادات التي تمارس في عاشوراء تشبيهاً له بالعيد، ومن ذلك:
الاغتسال، والاكتحال، واستعمال البخور، والتوسع في المآكل والمشارب،
وطحن الحبوب، وطبخ الطعام المخصوص، والذبح لأجل اللحم، وإظهار البهجة
والسرور. ومنها عادات لا تخلو من منكرات قبيحة.
وهذه في أصلها نشأت وظهرت رد فعل لمآتم الرافضة التي يقيمونها حزناً
على مقتل الحسين رضي الله عنه فكان من الناصبة
[هم الذين يناصبون آل البيت العداء، في مقابل الرافضة الذين غلوا فيهم.
]
أن أظهروا الشماتة والفرح، وابتدعوا فيه أشياء ليست من الدين، فوقعوا في التشبه باليهود الذين يتخذونه عيداً كما تقدم
[اقتضاء الصراط المستقيم: 2/129 134، وانظر: اللطائف: 112، وشعب الإيمان: 3/367، وضعيف الجامع، ح/5873.] .
وأما ما روي من الأحاديث في فضل التوسعة على العيال في عاشوراء فإن
طرقها ضعيفة، وهي وإن رأى بعض العلماء أنها قوية فإن ضعفها لا ينجبر، ولا
ينهض لدرجة الحسن.
أما الاغتسال والاكتحال والاختضاب فلم يثبت فيه شيء البتة
[اقتضاء الصراط المستقيم: 2/129 134، وانظر: اللطائف: 112، وشعب الإيمان: 3/367، وضعيف الجامع، ح/5873.] ،
ولمَّا أشار ابن تيمية إلى ما روي من الأحاديث في فضل عاشوراء قال:
(وكل هذا كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يصح في عاشوراء إلا فضل
صيامه) [منهاج السنة النبوية 7/39، وانظر: مواهب الجليل 2/403 444.] .
وبذلك تعرف أن الشرع لم يخص عاشوراء بعمل غير الصيام،
وهذا منهج الرسول صلى الله عليه وسلم،
[لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ
يَرْجُو اللَّهَ والْيَوْمَ الآخِرَ وذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً] [الأحزاب: 12] .
وكم فات على أولئك المنشغلين بتلك البدع من اتِّباع النبي صلى الله عليه وسلم والعمل بسنته!
ج - مآتم الشيعة (الرافضة والباطنية) :
أما بالنسبة لمآتم الشيعة فإنه لا نزاع في فضل الحسين رضي الله عنه
ومناقبه؛ فهو من علماء الصحابة، ومن سادات المسلمين في الدنيا والآخرة الذين عرفوا بالعبادة والشجاعة والسخاء ... ،
وابن بنت أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم، والتي هي أفضل بناته، وما وقع من قتله فأمر منكر شنيع محزن لكل
مسلم، وقد انتقم الله عز وجل من قتلته فأهانهم في الدنيا وجعلهم عبرة، أصابتهم العاهات والفتن، وقلَّ من نجا منهم.
والذي ينبغي عند ذكر مصيبة الحسين وأمثالها هو الصبر والرضى بقضاء الله
وقدره، وأنه تعالى يختار لعبده ما هو خير، ثم احتساب أجرها عند الله تعالى.
ولكن لا يحسن أبداً ما يفعله الشيعة من إظهار الجزع والحزن الذي يُلحَظُ
التصنع والتكلف في أكثره،
وقد كان أبوه عليٌّ أفضل منه وقُتل، ولم يتخذوا موته
مأتماً، وقتل عثمان وعمر ومات أبو بكر رضي الله عنهم، وكلهم أفضل منه..
ومات سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، ولم يقع في يوم موته ما هو حاصل في
مقتل الحسين. وليس اتخاذ المآتم من دين المسلمين أصلاً، بل هو أشبه بفعل أهل الجاهلية
[انظر: البداية والنهاية، لابن كثير: 8/201 203، والفتاوى، لشيخ الإسلام ابن تيمية: 25/307 314، واقتضاء الصراط المستقيم: 2/129- 131.] .
قال ابن رجب عن يوم عاشوراء:
(وأما اتخاذه مأتماً كما تفعله الرافضة؛
لأجل قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما فيه.. فهو من عمل من ضل سعيه في
الحياة الدنيا وهو يحسب أنه يحسن صنعاً، ولم يأمر الله ولا رسوله باتخاذ أيام
مصائب الأنبياء وموتهم مأتماً، فكيف بمن دونهم؟) [لطائف المعارف: 113.] .
ولقد كانت بعض تصرفات الرافضة في مآتمهم موضع انتقاد من بعض
علمائهم، مع إصرار الجميع على المآتم والحزن.
ففي مقابلة مع أحد مراجعهم [وهو محمد حسين فضل الله.]
سئل: (هناك أيضاً قضية عاشوراء التي لا تحبذها؟)
فأجاب: (عاشوراء لا بد أن تتحرك مع الخط العاطفي،
ولكن لا
أوافق على الاحتفال بعاشوراء بطريقة ضرب الرؤوس بالسيوف، وجلد الأجساد
بالسلاسل الحديدية، وأنا قد حرمت هذا) .
ثم طالب بأساليب للتعبير عن العاطفة
أكثر (عصرية) ، وذكر منها استخدام المسرح، حتى يكون لعاشوراء امتداد في
العالم! [صحيفة: الخليج، العدد 7224، الأحد 12/11/1419هـ.] .
والملاحظ أن مآتم الرافضة في عاشوراء لم ترتبط بأصل إسلامي من قريب
أو بعيد؛ إذ لا علاقة لها بنجاة موسى \، ولا بصيام النبي صلى الله عليه وسلم،
بل الواقع أنهم حولوا المناسبة إلى اتجاه آخر، وهذا من جنس تبديل دين الله عز وجل.
خامسًا: وقفات وفوائد:
1- حين يعظم الكفار بعض الشعائر:
تقدم في حديث عائشة الصحيح أن قريشاً كانت تصوم عاشوراء في الجاهلية،
وعنها قالت: كانوا يصومون عاشوراء قبل أن يفرض رمضان، وكان يوماً تُسْتَرُ
فيه الكعبة ... ) [رواه البخاري، ح: 1592، الفتح: 3/531.] ،
وقد قيل في سبب صيامهم أنهم أذنبوا ذنباً فعظم في
صدورهم، فقيل لهم: صوموا عاشوراء [انظر: الفتح: 4/289.]
، وقيل: أصابهم قحط، ثم رفع
عنهم، فصاموه شكراً [انظر: الفتح: 7/184.] ،
و (لعلهم تلقوه من الشرع السالف، ولهذا كانوا
يعظمونه بكسوة الكعبة، وغير ذلك) [لفتح: 4/289.] .
وأياً كان الحامل لهم على ذلك فإنه ليس غريباً بقاء أثارة من تدين عند الكفرة
والمشركين، وهذا غالباً هو حال المبدلين شرع الله. ولكن وجود شيء من ذلك لا يعني استحسان حالهم العامة بإطلاق مع بقائهم على الشرك والكفر؛ لأن ميزان التفضيل هو التزام الدين قلباً وقالباً عن رضىً وقبول كما أراده الله،
لا تجزئة الدين والإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعض، ولا التعلق بمجرد شعائر خالية من اليقين والإيمان الخالص الذي هو دليل الشكر الصادق، وسبب التكفير والمغفرة لمن سعى لذلك.
يقول الله عز وجل: [مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى
أَنفُسِهِم بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17) إنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ
اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ وأَقَامَ الصَّلاةَ وآتَى الزَّكَاةَ ولَمْ يَخْشَ إلاَّ اللَّهَ فَعَسَى
أُوْلَئَكَ أَن يَكُونُوا مِنَ المُهْتَدِينَ] [التوبة: 17، 18] .
وهكذا الحال بالنسبة لبعض المنتسبين لهذه الأمة في التزامهم بعض شعائر
الإسلام وتركهم كثيراً منها؛ فذلك شبه باليهود الذين أنكر الله عليهم بقوله: ... [أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتَابِ وتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إلاَّ خِزْيٌ فِي ...
الحَيَاةِ الدُّنْيَا ويَوْمَ القِيَامَةِ يُرَدُّونَ إلَى أَشَدِّ العَذَابِ ومَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ] [البقرة: 85] . كحال من يكتفي من الإسلام بصيام رمضان، أو الإحسان إلى الناس مثلاً، مع فساد المعتقد، أو إهمال الصلوات، أو الركون إلى الكفرة وتوليهم.
2 - مخالفة أهل الكتاب من أعظم مقاصد الشريعة
[انظر: اقتضاء الصراط المستقيم: 1/199 وما بعدها.] :
مخالفة الكفار من أبرز مظاهر تحقيق البراء من الكافرين الذي لا يتم الإيمان
إلا به، وقد شدد الشارع على المتشبهين بهم، حتى قال النبي صلى الله عليه
وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم)
[رواه أبو داود: ح/ 4031، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، ح: 341.] ،
وقد ذكر ابن تيمية أن هذا أقل أحواله التحريم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم [انظر: اقتضاء الصراط المستقيم: 1/270.] .
وفي ترك إفراد عاشوراء بالصوم درس عظيم، فإنه مع فضل صوم ذلك
اليوم، وحث النبي صلى الله عليه وسلم على صومه، وكونه كفارة سنة ماضية..
إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بمخالفة اليهود فيه، وعزم على ضم التاسع
إليه، فوقعت المخالفة في صفة ذلك العمل،
مع أن صوم عاشوراء مشروع في
الشريعتين، أو أنه مشروع لنا وهم يفعلونه، فكيف بما كان دون ذلك من المباح أو
المحرم وما كان من شعائر دينهم؟ ! لا شك أن في ذلك من المفاسد ما لا يظهر
أكثره لأكثر الخلق [انظر: السابق: 1/284، 474، 92 94.] .
أما اقتصار النبي صلى الله عليه وسلم على صوم عاشوراء أولاً فقد كان قبل
أن يؤمر بمخالفة أهل الكتاب، وقد كان قبل ذلك يحب موافقتهم فيما لم يؤمر فيه بشيء [صحيح البخاري، ح/ 5917، موقوفًا على ابن عباس وتقدم.] ،
واحتمل أن يكون صومه (استئلافاً لليهود كما استألفهم باستقبال
قبلتهم، وعلى كل حال فلم يصمه اقتداءاً بهم؛ فإنه كان يصومه قبل ذلك)
[الفتح: 4/291، وانظر: 288.] .
والإسلام منهج وسط في الاتباع، حاديه دائماً الحق المجرد؛ ففعل المشركين
لِحَقٍّ لا يسوِّغ ترك هذا الحق بدعوى مخالفتهم، كما أن فعلهم لباطل لا يسوِّغ
متابعتهم فيه بدعوى موافقتهم لتأليف قلوبهم، وعليه:
تنتفي الدوافع المتوهمة
للإعجاب بحال أي مبطل أو متابعته في باطله أو ترك حق لأنه فعله؛ إذ مقياس
قبول الأحوال توافقها مع الشرع، وميزان المخالفة ما كان من خصائص مِلَّتهم
وشعائر دينهم، وبين هذا وهذا درجات لا مجال لتفصيلها.
3 - حقيقة الانتماء:
علَّل اليهود صيامهم عاشوراء بمتابعتهم موسى \ حين صامه شكراً لله على
إنجائه له من فرعون. وهاهنا أمران:
أولهما: هل يكفي صيامهم عاشوراء برهاناً للمتابعة وسبباً للأولوية
بموسى؟
وثانيهما: هل وقع لهم ما أرادوا من موافقة عاشر المحرم (عاشوراء) فعلاً؟
أما الأول: فلا يكفي صومهم عاشوراء أن يقوم دليلاً لكونهم أوْلى بموسى؟
أبداً؛ إذ الحكم في ذلك بحسب تمام المتابعة والتزام المنهج، قال الله عز وجل:
[إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وهَذَا النَّبِيُّ والَّذِينَ آمَنُوا واللَّهُ ولِيُّ
المُؤْمِنِينَ] [آل عمران: 68] .
ولذا كان نبي هذه الأمة صلى الله عليه وسلم وأتباعه أوْلى بنبي الله موسى
عليه الصلاة والسلام من الأمة الغضبية، فقال:
(نحن أحق وأوْلى بموسى منكم) [هذا لفظ مسلم: ح/1130.] .
وهكذا تتوحد المشاعر، وترتبط القلوب مع طول العهد الزماني، والتباعد
المكاني، فيكون المؤمنون حزباً واحداً هو حزب الله عز وجل؛ فهم أمة واحدة،
من وراء الأجيال والقرون، ومن وراء المكان والأوطان..
لا يحول دون الانتماء
إليها أصل الإنسان أو لونه أو لغته أو طبقته..
إنما هو شرط واحد لا يتبدل، وهو
تحقيق الإيمان، فإذا ما وجد كان صاحبه هو الأوْلى والأحق بالولاية دون القريب
ممن افتقد الشرط؛ ولذا استحقت هذه الأمة ولاية موسى دون اليهود المغضوب عليهم.
[إنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ] [الأنبياء: 29] .
وأما الثاني: وهو: هل وافقوا صيام عاشوراء فعلاً؟ فقد ذكر بعض أهل
العلم [58] أن حساب اليهود كان بالسنة الشمسية، والمحرم شهر هلالي لا شمسي،
وهذا يوقع الشك في إصابة اليهود يوم عاشوراء، أما المسلمون فحسابهم بالأشهر
الهلالية فأصابوا تعيين عاشوراء، وإذا ظهر خطأ اليهود تبينت أولوية المسلمين من
هذا الوجه أيضاً.
ويشبه هذا ضلال أهل الكتاب عن يوم الجمعة، فاختار اليهود السبت،
واختار النصارى الأحد، وهُدي المسلمون ليوم الجمعة.
4 - عبادة الله أبلغ الشكر:
كانت نجاة موسى عليه الصلاة والسلام وقومه من فرعون.. منَّة كبرى أعقبها
موسى بصيام ذلك اليوم، فكان بذلك وغيره من العبادات شاكرًا لله تعالى؛
إذ
العمل الصالح شكر لله كبير، قال ربنا عز وجل:
[اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ
مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ] [سبأ: 31] ،
وأساس الشكر مبني على خمس قواعد:
الخضوع للمنعم، وحبه، والاعتراف بنعمته، والثناء عليه بها، وألا تصرف
النعمة فيما يكرهه المنعم [انظر مدارج السالكين: 2/254.]
. (والبشر مهما بالغوا في الشكر قاصرون عن
الوفاء، فكيف إذا قصّروا وغفلوا عن الشكر من الأساس) ؟ ! [في ظلال القرآن، لسيد قطب: 5/2899.] .
ويجب التنبه إلى أن أمر العبادة قائم على الاتباع، فلا يجوز إحداث عبادات
لم تشرع، كما لا يجوز تخصيص عاشوراء ولا غيره من الأزمان الفاضلة بعبادات
لم ينص عليها الشارع في ذلك الزمن. أما الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فعباداتهم شرع معصوم مبني على وحي الله عز وجل إليهم.
ثم اقتفاء آثار الأنبياء وتحقيق الاهتداء بهديهم والاجتهاد في تطبيق سنتهم هو
الشكر بعينه.
5 - في التعويد على الخير تثبيت عليه:
بلغ بالصحابة الحرص على تعويد صغارهم الصيام أن احتالوا عليهم في
تمرينهم عليه حتى يُتِمُّوه، فصنعوا لهم اللعب يتلهون بها عن طلب الطعام، كما
تقدم في حديث الربيِّع؛ وذلك لكون تعويد الصغير على فعل الخير مكمن قوة في
استقامته عليه في الكبر؛ لأنه يصير هيئة راسخة في نفسه تعسر زعزعتها..
واليوم لدينا من وسائل التلهية المباحة بقدر ما لدينا من أصناف الطعام وأشكاله،
وإذا اقتنع المربي بواجبه التربوي لم تُعْيِه الحيلة؛ فإن الحاجة تفتق الحيلة
[كما تقول العرب ومعنى المثل: أن شعور الإنسان بحاجته لشيء يولد له الحيلة والطريقة التي توصله إلى حاجته.] .